تجهز السيارات الحديثة الآن بنظام فعال لتكيف الهواء داخل حجرة القيادة ، مما يوفر لركاب تلك السيارات ، الراحة والرفاهية بعيدا عن الأجواء الخارجية الحارة والخانقة ، وقد تسابقت كبريات شركات صناعة السيارات في تطوير هذه الميزة بحيث أصبحت وسيلة فعالة لجذب الزبائن وإغرائهم على اقتناء تلك السيارات .
لكن أصوات المهتمين بالبيئة تعالت مؤخرا محذرة من مخاطر مثل تلك المركبات على البيئة ، حيث أكدت العديد من الدراسات ، أن هذه المركبات تسهم وبشكل فعال في ظاهرة الاحتباس الحراري العالمية .
ومرد ذلك ، أن هذه المركبات تستهلك وقودا أكثر من المعدل الطبيعي لها أثناء تشغيل المكيفات فيها ، هذا من جانب ومن جانب آخر فإن سوائل وغازات التبريد المستخدمة فيها تعتبر مواد كيميائية ضارة بالبيئة .
كيف يحدث هذا الضرر؟
من المعروف والثابت علميا أن السيارات المكيفة يزداد استهلاكها للوقود أثناء تشغيل المكيفات فيها بنسبة قد تصل إلى 15 % عن الوضع الطبيعي لها ، أي أثناء قيادة السيارة دون تشغيل المكيف ، وهذه النسبة يمكن أن تتضاعف داخل المدن وأثناء الازدحام والتوقف مطولا أمام الإشارات الضوئية ، فمثلا سيارة فورد فييستا وجد أن تكييف الهواء داخلها يستهلك حوالي 7.5 لتر من الوقود لكل 100 كيلو متر ، مضاف إليه استهلاك السيارة العادي من الوقود في الظروف التشغيلية الطبيعية .
هذه الزيادة في استهلاك الوقود ينجم عنها انبعاث كميات إضافية وكبيرة من الغازات الملوثة والضارة بالبيئة والتي تسهم في زيادة الغازات الخطيرة والمدمرة لبيئة الأرض .
من جانب آخر فإن السوائل والغازات المستخدمة حاليا داخل مكيفات السيارات تعتبر من المواد الخطيرة ، فمنذ تسعينيات القرن الماضي تم استبدال ( دي كلورو دي فلورو ميثان ) والذي وجد انه يمثل خطرا داهما على طبقة الأوزون التي توفر حماية لكوكب الأرض ، واستخدم بدلا منه غاز ( تيترا فلورو ايثان R134A ) ، على أمل أن يكون بديلا مناسبا وصديقا للبيئة ، إلا أن الأبحاث الحديثة بينت خطورة هذا الغاز ، حتى أطلق عليه المهتمون بالبيئة اسم القاتل الحقيقي للبيئة ، وتعالت الأصوات المنادية بضرورة التوقف عن استخدامه والبحث عن بدائل مناسبة .
لقد قدر الصندوق البيئي الألماني عدد السيارات المجهزة بمكيفات ، حوالي 400 مليون سيارة في العالم ، وهذه السيارات تلعب دورا هاما في زيادة حجم الغازات الضارة والمتراكمة في غلاف كوكب الأرض وما ينجم عنها من ارتفاع حاد وملحوظ لحرارة كوكبنا النابض بالحياة ، يعلق السيد يوريجين ريش رئيس الصندوق البيئي الألماني بقوله ( إن تلك الملايين من مكيفات السيارات المؤثرة على المناخ العالمي يجب أن لا يسمح لها بإحداث مزيد من الدمار والخراب ، فكوكبنا يمر بمرحلة بيئية حرجة للغاية ) .