بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة السلام على أشرف خلق الله أجمعين، سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وأصحابه والتابعين بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد..
أحببت أن أكتب عن هذه القضية لأهميتها وخطورتها، فالغيرة إما أن تكون من الرجل وإما من المرأة أو من كليهما, وهي عبارة عن مجموعة أحاسيس يختزنها أحدهما أو كلاهما، وهي من باب حب التملك والأنانية أحياناً.
وأسباب الغيرة المفرطة كثيرة أذكر منها:
1-الحب الشديد والعمى فيه.
حيث يصبح الشخص المحب متعلقاً بالآخر ولا يستطيع التنازل عنه لأحد آخر، مثل الآباء أحياناً أو الأبناء أو الأصدقاء، ومن جانب الرجل إن كان هو كثير الغيرة (لدرجة الوسوسة) ، فهذه مشكلة كبيرة.
2- الغيرة الزائدة، لدرجة فقدان الثقة بالآخر.
3-الشك
فقد يشك الطرفين ببعضهما بسبب موقف حصل لأحدهما وفكر فيه الآخر وزينه على ما يريد. وأذكر لكم قصه واقعية حدثت.
"والغيرة" أيضاً موجودة في بيت النبوة، لكن هناك فرق كبير بين"غيرة" بعض نساء النبي صلى الله عليه وسلم وبين" غيرة" النساء في أيامنا هذه.
مثال ذلك أن إحدى أمهات المؤمنين رضي الله عنها غارت من أخرى، كما في الحديث الصحيح:عن انس رضي الله تعالى عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم عند بعض نسائه فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين بصحفة فيها طعام فضربت التي النبي صلى الله عليه وسلم في بيتها يد الخادم فسقطت الصحفة فانفلقت فجمع النبي صلى الله عليه وسلم فلق الصحفة ثم جعل يجمع فيها الطعام الذي كان في الصحفة ويقول (غارت أمكم) ثم حبس الخادم حتى أتي بصحفة من عند التي هو في بيتها فدفع الصحفة الصحيحة إلى التي كسرت صحفتها وأمسك المكسورة في بيت التي كسرت (صحيح البخاري)
لكن كانت غيرتهن (أي نساء النبي صلى الله عليه وسلم) في حدود، ولاشك بأن هذه الغيرة غريزة في الإنسان، ولكن يجب علينا التحكم بها فلا نفرط فيها لدرجة كبيرة, ولا نتركها تماماً فيظن الطرف الآخر عدم المبالاة والاهتمام به, فيشعر بأنه غير مرغوب به أو غير محبوب، واللبيب بالإشارة يفهم.
ومن نتائج الغيرة المفرطة ما يلي:
1-انعدام الثقة بين الطرفين, وطغيان الشك في الآخر.
2-المشاكل وعدم الاستقرار والهدوء في حياتهما الزوجية.
3-الكراهية، وتولدها بسبب اختزان المواقف التي يحس كلاً منهما تعمد الآخر لفعلها.
4-تفكك الأسرة، ومن ثم الأثر السلبي على الأطفال ونفسياتهم.
5- وأخطر نتيجة لهذا كله الطلاق, والذي يكون الحل بالنسبة لهما بعد تلك المشاكل والخلافات.
وكيفية علاج هذه المشكلة تكمن فيما يلي:
1-أن يسيطر كلاٌ من الزوجين على مشاعره؛ بحيث لا يبالغ في التوهمات والظن السيئ، ويعرف أن لكل واحد حقوق وواجبات.
2- إذا حدث موقف من أحدهما وشعر به الآخر فعليهما المصارحة والتفاهم وشرح ما حدث.
3- أن يبتعد الواحد منهم عن مواضع الفتن والريبة، فرحم الله امرؤاً ذبّ المغيبة عن نفسه.
4- تجديد الحياة فيما يبنهما ومحاولة التقرب إلى الآخر.
5- أخيراً يجب الابتعاد عن الشبهات التي تثير الغيرة, وأن تكون الغيرة في حدود المعقول دون أن تتجاوز حدها لأنها ستنقلب دماراً على الأسرة.
وفي الختام
أقول أن الغيرة لا تُعد سلوكاً حميداً إذا زادت عن حدها ووصلت إلى حد الوساوس والأوهام, لأنها تتشعب مع الوقت, ومع أنها موجودة كغريزة في الإنسان, إلا انه يجب عليه لا نقول القضاء عليها تماما وإنما التحكم بها في حدود العقل والدين, دون إلغائها، بحيث لا تتسبب في ضياع الحياة الزوجية.
وأسأل الله العلي القدير أن يحفظ بيوت المسلمين من الضياع والتفكك، وأن يجعلها عامرة بذكره، إنه ولي ذلك والقادر عليه.